نشر :
عبد العزيز بخاخ
البيان الصادر عن المؤتمر الإقليمي للمنظمة المغربية لحماية المال العام بخريبكة ، المنعقد يوم السبت 05 مارس 2022 و يدعو إلى جبهة ديمقراطية إقليمية جهوية وطنية واسعة لمحاربة الفساد ونهب المال العام، وإرساء أسس ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتكريس الشفافية والنزاهة، وتحقيق العدالة الاجتماعية تحت شعار :
” لنتحد ضد الفساد ونهب المال العام ”
كركيزة أساسية لتنزيل النموذج التنموي الجديد بإقليم خريبكة وبعد نقاش عميق ومسؤول وبسط برنامج اللقاء، وتسجيل الدور الريادي للمنظمة في فضح الفساد ونهب المال العام وطنيا وجهويا وإقليميا، مما جعلها تكسب مصداقية حقيقية لدي الرأي العام الوطني، وقد استطاعت في ظرف قياسي أن تساهم في إشاعة ثقافة حماية المال العام والتصدي للفساد والمفسدين ودلك عبر وضع عدة شكايات وملفات بين انظار القضاء.
وقد انعقد المؤتمر في سياق وطني إقليمي ودولي مليء بالتحديات والمخاطر التي تتجلى في موجة الجفاف وندرة المياه وغلاء الأسعار وارتفاع نسبة الاحتقان الاجتماعي و تنامي معدلات الفساد، مما أصبح لزاما على المجتمع المغربي والقوى الديمقراطية والمنظمات الحقوقية والنقابية اتخاذ مواقف حازمة لمواجهة المخاطر التي تحدق ببلادنا جراء سياسة التطبيع مع الفساد ونهب المال العام والإفلات من العقاب والبطيء في معالجة المساطر القضائية ضد ناهبي المال العام , وإن اختيار المنظمة لهذا الشعار أي “لنتحد ضد الفساد ونهب المال العام ” يؤكد مدى وعيها بطبيعة المرحلة الدقيقة وملابساتها، وما تحتاجه من جبهة ديمقراطية لحماة المال العام واسعة لتحقيق هذا الهدف، كما يعكس رفضه لكل أشكال التطبيع مع الفساد ونهب المال العام والثروات الطبيعية بالإقليم والجهة .
إن المؤتمر، وبعد تدارسه للوضع بالإقليم والجهة في كافة أبعادهما ، وفي مختلف الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وبعد وقوفه عند غياب إرادة حقيقية لدى الدولة للتصدي لمظاهر الفساد ونهب المال العام والإفلات من العقاب، كما تجلى ذلك بوضوح في التعاطي السلبي مع ملفات الفساد التي تعرفها كل القطاعات العمومية وشبه العمومية والمؤسسات المنتخبة بالإقليم والجهة ، والتي صدرت بشأنها تقارير رسمية توثق لاختلالات مالية جسيمة ذات طبيعة جنائية، والتي لا تتم إحالتها على الجهات القضائية من أجل محاكمة المتورطين في تلك الجرائم الا بنسب جد ضئيلة وعليه فإن المؤتمر يعلن للرأي العام الوطني ما يلي :
1- يعتبر المؤتمر بأن استمرار الدولة في التطبيع مع الفساد ونهب المال العام والإفلات من العقاب يشكل خطورة على مستقبل المجتمع في التنمية والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ، إذ لم يتجاوز المغرب المركز 123 في تقرير التنمية البشرية الذي تصدره منظمة الأمم المتحدة، ويأتي المغرب في آخر الترتيب الدولي من بين 222 دولة بالنسبة للدخل الفردي، في حين تتقدم عليه دول إفريقية وعربية في هذا المجال، كما أن القدرة الشرائية انخفضت بالنسبة للدخل الفردي بسبب سيادة الفساد وسوء توزيع الثروة، وهو ما أدى إلى تفاوتات اجتماعية وطبقية ومجالية خطيرة .
2- وأن الفساد أصبح من أبرز المعيقات لتحقيق النموذج التنموي الجديد، لأنه يساهم في ضياع هذا الطموح، ويحرم المجتمع المغربي من التمتع بالحريات والعدالة الاجتماعية وضمان مستقبل الأجيال القادمة، كما يحرمه من المساهمة في صياغة السياسات العامة للبلاد ومختلف الخطط التنموية والمشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بمستقبلها، ويضعف الثقة بالنظامين القانوني والقضائي، كما يعيق القدرة على الاحتفاظ بموظفين ذوي كفاءة عالية، ويتسبب في هدر المال العمومي والثروات الطبيعية وتعطيل الموارد البشرية .
ـ3- يعتبر المؤتمر بأن استمرار الدولة في التطبيع مع مظاهر الفساد ونهب المال العام والإفلات من العقاب والرشوة واقتصاد الريع والامتيازات سيؤدي حتما إلى المزيد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، ويشجع بالإقليم خريبكة لوبيات الفساد ونهب المال العام والثروات الطبيعية والسطو على أراضي الدولة والممتلكات العمومية على التمادي في ارتكاب جرائم مالية، مما يتسبب بشكل كبير في انتشار الفقر والبطالة والجريمة ولجوء الشباب إلى الهجرة السرية وقوارب الموت أو الوقوع في شبكات الإرهاب والاتجار في المخدرات والجرائم العابرة للقارات .
4- يسجل بكل أسف شديد غياب إرادة سياسة حقيقية للتصدي لانتشار مظاهر الفساد ونهب المال العام والرشوة واقتصاد الريع والإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة، وبناء أسس دولة الحق والقانون رغم توقيع المغرب على الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد و يشيد المؤتمر بالأثر البالغ للتوجهات الملكية السامية للملك محمد السادس في تطوير المجهود الوطني وترسيخ الالتزام التام للمملكة المغربية في مواجهة الفساد كخيار حاسم قصد مواصلة ورش الإصلاحات الديموقراطية والمؤسسية والحقوقية والتنموية .
ثم ارتفاع معدل الفقر وانتشار الجريمة بمختلف أشكالها والبطالة وتنامي استنزاف الموارد الطبيعية، وتدمير البيئة، وضعف النمو الاقتصادي، وتحويل إنفاق الدولة من الأنشطة الأكثر إنتاجية إلى الأنشطة الأقل إنتاجية، من شأنه أن يساهم في حدوث اضطرابات اجتماعية بالإقليم .
5- إن المؤتمر و هو يقف عند خطورة الجرائم المالية على الأوضاع العامة للمجتمع والاقليم خاصة فإنه يطالب رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية بإخراج العديد من الملفات المعروضة أمام محاكم المملكة وعلى الخصوص باستئنافية الدار البيضاء ومحكمة النقض، المختصة في جرائم الأموال لها صلة بالفساد ونهب المال العام التي عمرت طويلا ولأمد غير معقول كاد أن يلفها النسيان ويتطاير الغبار من أوراقها وتسقط في زمن الهدر للزمن القضائي، وعلى سبيل المثال لا الحصر – ملف المدعو المهدي عثمون ومن معه و الرئيس الحالي لجماعة خريبكة وعضو بالجهة والنائب بمكتب مجلس المستشارين ، ويؤكد أن المتابعات القضائية المسطرة في هذه الملفات تقتصر على بعض المنتخبين وبعض الموظفين والمقاولين دون أن تطال الرؤوس الكبيرة، وأن هذه المتابعات يبقى أثرها محدودا وغير مصحوبة بإجراءات شجاعة وجريئة من شأنها أن تعيد للناس الثقة في جهاز العدالة باعتبار الملك هو الضامن لاستقلال السلطة القضائية طبقا للفصل 107 من دستور المملكة .
وأن المؤتمر يطالب السلطة القضائية بأن تتحمل مسؤوليتها في التصدي للفساد والرشوة والريع ونهب المال العام والقطع مع الإفلات من العقاب وربط المسؤولية بالمحاسبة، كما يطالب بتسريع وتيرة الأبحاث والمحاكمات في ملفات الجرائم المالية المعروضة على المحاكم، واتخاذ تدابير و قرارات شجاعة للتصدي بكل حزم لمظاهر الفساد والرشوة، ومحاكمة المفسدين وناهبي المال العمومي وإصدار أحكام قضائية رادعة تتناسب و خطورة الجرائم المالية ، واسترجاع الأموال المنهوبة على قاعدة المساواة أمام القانون وتحقيق العدالة مع توفير مناخ سليم للأعمال، وتحفيز المقاولات لخلق الثروة عن طريق الاستثمار ومراجعة القانون الضريبي والقانون المنظم للصفقات العمومية بشكل يحقق العدالة والمساواة والشفافية والمنافسة الحرة .
6- و يعتبر المؤتمر بأن التصدي لمظاهر الفساد ونهب المال العام ومعالجة آثارها على التنمية بالإقليم جزء من عملية واسعة لإرساء قواعد الحكامة وترسيخ الديمقراطية ودولة المؤسسات بما يقتضيه ذلك من تعزيز لقيم الشفافية والنزاهة والمساءلة في التدبير العمومي وسير المرافق العمومية، وهو ما يتطلب ملاءمة التشريع المغربي مع المواثيق الدولية ذات الصلة، وخاصة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادق عليها المغرب، وسن استراتيجية بالإقليم متعددة الأبعاد للتصدي للفساد والرشوة، وتوسيع صلاحيات ومهام مؤسسات الحكامة ومدها بالإمكانيات اللازمة لممارسة مهامها مع إحالة تقاريرها وملفاتها على القضاء .
7- يدعو المؤتمر إلى تظافر جهود كل القوى الحية من حماة المال العام والجمعيات الحقوقية وجمعيات المجتمع المدني من أجل جبهة ديمقراطية وطنية واسعة لمحاربة الفساد و نهب المال العام وإرساء أسس ربط المسؤولية بالمحاسبة والشفافية والنزاهة وتحقيق العدالة الاجتماعية ومواجهة التوجه المناهض لأي تحول نحو الديمقراطية والمستفيد من واقع الفساد والنهب .
8- يسجل بكل اسف السماح للمتابعين قضائيا في ملفات الفساد و نهب المال العام بالإقليم والجهة بالترشيح للانتخابات و عودتهم إلى المجالس الجماعية و الإقليمية و الجهوية التي كانوا يسيرونها و عودة بعضهم إلى البرلمان مما يعتبر حماية الدولة للفساد ونهب المال العام و الرشوة و التشجيع على سياسة تبديد المال العام و إسناد الصفقات العمومية بدون مراعاة مبدأ الشفافية و المنافسة الشريفة و المحاسبة و المسائلة و تكريس لمظاهر المحسوبية و الزبونية على حساب جودة الخدمات و أثرها السلبية على التنمية و التداعيات الخطيرة على الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و البيئية بالجهة مما يساهم في تعميق الفوارق الاجتماعية و المجالية و في تنامي الهجرة السرية .
9- يطالب بفتح تحقيق قضائي في ظاهرة الهجرة السرية وقوارب الموت والاتجار في البشر من طرف الشبكات الاجرامية التي تنشط وطنيا وجهويا ، والتي تسببت في فقدان أرواح العديد من المواطنين و المواطنات .
10 – نسجل بارتياح كبير القرارات الجريئة للقضاء والنيابة العامة بالإقليم والتدابير الشجاعة والحازمة ضد بعض المتورطين في قضايا مختلفة ولخطورتها على كافة المستويات ولتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية الثقافية و البيئية جهويا و وطنيا ولها ارتباط بالنظام العام .
11 – نطالب بتحريك الملفات التي لا تزال تعرف تأخرا في المساطر و الأبحاث او الإجراءات القضائية و منها : جماعة خريبكة – جماعة وادي زم – جماعة بوجنيبة – جماعة أولاد بوغادي – جماعة الكناديز – وجماعة أولاد عيسى …
12- نثمن بإجابية الحرص الشديد لعامل الإقليم على عقلنة وحسن تدبير و مراقبة المال العام بالمؤسسات المنتخبة على مستوى البرامج التنموية العمومية والاوراش المفتوحة من طرف عدة متدخلين وشركاء , في حين نسجل بكل اسى وتحصر لما تعرفه بعض الجماعات المحدودة من هدر وتبديد خطير لرؤسائها ودلك عن طريق المنح المالية لبعض الجمعيات التي يتم استغلالها وتوظيفها سياسيا لصالح بعض المنتخبين والتفافا على القانون للسطو على المال العام وفي ضرب صارخ لتقارير و توصيات المجلس الجهوي للحسابات بجهة بني ملال خنيفرة, والتي تنظمها وتؤطرها كدلك مدكرات مختلفة لوزير الداخلية وما تعيشه الوضعية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا .
في خريبكة 05 مارس 2022
المؤتمر الإقليمي بخريبكة