/ متابعة عبد العزيز بخاخ
تعيش وزارة الصحة منذ أسابيع على وقع جدل كبير بعد إلغاء عدد من الصفقات المرتبطة بتجهيز وبناء مؤسسات صحية، وما تبع ذلك من إعفاءات متتالية لعدد من المسؤولين المركزيين والجهويين. وبينما حاولت الحكومة تسويق هذه القرارات كخطوة في إتجاه التصحيح ومحاربة الإختلالات، يرى مراقبون أن الأمر لا يعدو أن يكون هروباً من تحمل المسؤولية السياسية وتعليق فشل منظومة التدبير على بعض الأطر الإدارية.
فقد أكدت مصادر متطابقة أن صفقات إستراتيجية بلغت مراحل متقدمة من المساطر القانونية تم توقيفها بشكل مفاجئ، دون تقديم توضيحات كافية للرأي العام أو للبرلمان، وهو ما إعتبره فاعلون في القطاع خرقاً لمبدأ إستمرارية المرفق العمومي وتبديداً للزمن المؤسساتي.
الإعفاءات التي طالت عدداً من المسؤولين الجهويين والمركزيين، وإن كانت تُبرَّر بوجود اختلالات في التسيير، إلا أن تساؤلات ملحّة تُطرح، أين كانت الوزارة والحكومة طيلة مسار تلك الصفقات؟ ومن يضمن ألا يُعاد السيناريو ذاته مع وجوه جديدة؟
في الوقت ذاته، يعاني قطاع الصحة من أزمات هيكلية متراكمة، ضعف الموارد البشرية، تأخر تجهيز المستشفيات، خصاص الدواء والمستلزمات، وصعوبات تنزيل ورش التغطية الصحية الشاملة. وهي تحديات كبرى لا يمكن إختزالها في مجرد تغيير أسماء أو تدوير مناصب.
المسؤولية السياسية للحكومة ووزير الصحة تبقى ثابتة، لأن الدستور ربط المحاسبة بالمسؤولية، ولأن القرارات الإستراتيجية في قطاع حساس مثل الصحة يجب أن تُبنى على الشفافية وتوضيح الرؤية لا على منطق التضحية بموظفين وتحويلهم إلى أكباش فداء.
اليوم، ينتظر الرأي العام من وزير الصحة والحكومة كشف حقيقة ما جرى في ملف الصفقات، وتوضيح الأسس التي بُنيت عليها قرارات الإعفاء، مع إرساء آليات رقابية تضمن الشفافية وحماية المال العام، بعيداً عن الحلول الترقيعية أو القرارات الإنفعالية.
فالمغاربة الذين يواجهون يومياً صعوبات في ولوج العلاج والخدمات الطبية لا يهمهم تغيير الأشخاص بقدر ما يهمهم تحقيق إصلاح حقيقي للمنظومة الصحية، يكون في مستوى وعود الإصلاح الكبرى التي أعلنت عنها الحكومة.