Home / La marocaine tv / 🔵 إعلام التفاهة… حين يصبح العبث سياسة والرداءة اختيارا….تسويق تنوير أم تخدير

🔵 إعلام التفاهة… حين يصبح العبث سياسة والرداءة اختيارا….تسويق تنوير أم تخدير

/عبد العزيز بخاخ: قراءة في خطاب محمد أوزين

لم يعد الجدل حول ما يبث في عدد من القنوات والبرامج مجرد نقاش ذوقي عابر أو إختلاف في تقييم المحتوى، بل تحول إلى سؤال مجتمعي عميق حول دور الإعلام في تشكيل الوعي الجماعي. في هذا السياق، جاءت مواقف محمد أوزين في قبة التشريع لتضع الأصبع على جرح مفتوح ألا هو إنتشار التفاهة كخيار ممنهج، لا كإستثناء عابر.

فحسب أوزين، ما يسوق اليوم تحت عناوين الترفيه والفرجة، لا يعدو أن يكون محتوى سطحيا يعيد إنتاج الرداءة، ويغذي ثقافة الإستسهال والإستهلاك الفارغ. برامج بلا مضمون، نقاشات بلا عمق، وشخصيات تقدّم كنماذج للنجاح فقط لأنها تثير الجدل أو تخلق “البوز”. والنتيجة، كما يرى، إعلام يبتعد تدريجيا عن أدواره التنويرية والتربوية، ويتحول إلى مجرد أداة لتكريس التفاهة وتطبيعها داخل المجتمع.

الأخطر في هذا المشهد، وفق قراءة أوزين، هو أن التفاهة لم تعد بريئة أو عفوية، بل أصبحت ذات وظيفة. فهي تساهم في إلهاء المواطن عن القضايا الحقيقية التي تمس حياته اليومية، من إرتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية، إلى البطالة وتراجع الخدمات الاجتماعية. حين ينشغل الرأي العام بالسجالات الفارغة والمحتويات السطحية، يتراجع النقاش حول السياسات العمومية والمحاسبة والمسؤولية، ويفرّغ الفضاء العمومي من جوهره.

ولم يخفي محمد أوزين إنتقاده الصريح للجهات الوصية وهيئات التقنين، معتبرا أن صمتها أو تساهلها يعد شراكة غير مباشرة في هذا الإنحدار. فحرية التعبير، كما يشدد، لا تعني إطلاق العنان لكل ما هو مبتذل أو فارغ، ولا يمكن أن تكون ذريعة لتسويق محتوى يسيء للذوق العام ويضرب القيم الثقافية في العمق. هنا يطرح أوزين مشكل تداخل المسؤولية، من يحدد معايير الجودة ؟ ومن يحاسب على ما يبث باسم المواطن ودافعي الضرائب؟

وربط أوزين بين إنتشار التفاهة وتراجع مكانة النخب الثقافية والفكرية في الإعلام، حيث يتم تهميش الأصوات الجادة لصالح “نجوم” التفاهة، الذين يقدّمون كرموز للنجاح والشهرة السريعة. هذا التحول، في نظره، لا ينعكس فقط على المشهد الإعلامي، بل يمتد أثره إلى الأجيال الصاعدة، التي قد تجد في الرداءة نموذجا يحتذى به بدل الإجتهاد والمعرفة.

وفي المحصلة، فإن معركة محاربة التفاهة ليست معركة أخلاقية ضيقة، ولا مجرد تصفية حسابات سياسية، بل معركة وعي وهوية ومصير مجتمع. معركة تتطلب إرادة سياسية حقيقية، وإعلاما مسؤولا، وهيئات تقنين تقوم بدورها، وجمهورا يرفض أن يستهان بوعيه. فإما إعلام يسهم في بناء المواطن، أو شاشة تحول التفاهة إلى قدر يومي يفرض على الجميع.

Check Also

تهنئة

🔵 #المغربيةللأخبار أحرّ التهاني وأصدق عبارات الفخر نبعثها إلى المنتخب الوطني المغربي المحلي لكرة القدم، …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *