Home / الرئيسية / الفن مجال خصب للسرقات بالإصرار و الترصد و الضحية الكاتب و المشخص

الفن مجال خصب للسرقات بالإصرار و الترصد و الضحية الكاتب و المشخص

.
محمد مجاهد

تعاني الساحة الفنية الآن من معضلة خطيرة ، تحد من تطوره و ازدهار موضوعه و إبداعه ، وهـــــي بسبب قفز بعض الأشخاص على حاجز اهتماماته ، و عدم الاقتصار على العمل وفق الموهبــــــــــــــــة أو القدرات الخاصة بكل ممارس أو الحفاظ على المكانة الشخصية داخل الإطار المحدد لكل منهم . لقد أدى تبخيص دور الكاتب أو بالأحرى تغييبه و الاقتصار على ما يخط على سبيل الخيال من طــــرف أشخاص لا نقول عنهم غير مؤهلين ، و لكن هم لا يتوفرون على العلامة الخاصة للكاتب الحقيقي الذي يبحث عن الموضوع مستخدما القاعدة الأدبية بلمسة فنية مناسبة و مستحضرا العمق الإنساني فــــــي محاولة لمناقشة الظواهر الحياتية للناس أجمعين ، بعيدا عما هو متناول بالتداول في إطار اجتماعـــــي لا يرقى إلى مستوى الكتابة الموجهة لكل الناس بكل أقطاب العالم ، ولقد خلصنا سابقا أن الكاتب الفنان هو نفسه الأديب الفنان . أمام استسهال كتابة هذا الأخير ظهرت موجة من الكتاب الذين أخذوا علـــــى عاتقهم حمل هم الكتابة لكن بشكل خاطئ ، حيث استصغروا منها و جعلوها فقط قنطرة نهيئ خلالهـــــا تصميما لمجموعة من الأحداث التي نمر بها لصالة التصوير أو نقدمها لجهة معينة من أجل التأشيـــــر عليها قبل عملية التصوير إما بدعمها أو بقبول فكرتها و ملخص موضوعها . و هي في كثير مـــــــن الأحيان مواضيع سطحية تعالج إشكاليات اجتماعية أو ترفيهية خالية في جلها لأية رسالة هادفة . هؤلاء الكتاب ينقسمون إلى فئتين رئيسيتين ، أولاها تستنبط أفكارها من مخيلة الشخص الواسعة ، إذ يستطيع الحلم ليل نهار كما يستطيع فضفضة الكلام و تفصيله و تمطيطه ، و بناء هرم انطلاقا من خلق إشكالية تلازم الكتابة حتى النهاية ليسقط الهرم فجأة و تنجلي الإشكالية و ينقشع السر المدفون بصــدر أحدهم و تنتهي المهمة . أما الفئة الثانية تجد متعتها في البحث عن محتواها بين طيات الكتابـــــــــــات الأخرى إما بالقراءة أو المشاهدة ، لكن بهدف تجميع المعلومات و إعادة تشكيلها في قالب مختلـــــــف بنفس الأبعاد و الأهداف ، و هذا في حد ذاته يمكن اعتباره نوعا من أنواع السرقات الأدبية و الفنيـــــة التي أصبح يعاني منها الكثير من الكتاب على مستوى الرواية الأدبية أو الرواية الفنية المنجــــــــــــزة أو الباقية على الرفوف .
لقد تعالت مجموعة من الأصوات مؤخرا تندد بفعل السرقة التي طالت أحد أعمالهم أو تشابه مشاهدها بما خططوا هم سابقا أو حتى ببعض الأعمال المنجزة سالفا وطنيا و دوليا ، لذلك نجد من الأعمال التركية مثلا نصيب وفير في كثير من الأعمال الوطنية خاصة على مستوى التلفزيون ، و في نفس الوقت نستنتج بعد الهوة بين كل ما هو تاريخي حضاري و إنساني و بين ما ينتج حاليا في كل موسم فني ، إذ تغدو صورة التكرار في بناء الحدث الدرامي أو الفكاهي الذي لا يتوفر على أساس أدبي فني محض . إذ أصبح المتلقي يستمع لنفس الحوار بنفس المعنى و يشاهد نفس الفضاء بنفس المكونات كما يستخلص نفس المحتوى ، و تبقى شريحة المشاهد تتسع خاصة على مستوى العرض الذي يوافق زمنا معينا من تواجد الأسر على موائد الوجبات أو وقتا يعرف اجتماعاتهم أمام جهاز التلفاز ، و هاته المشاهدة لعمرها تكن نسبة كافية في إضفاء الميزة الحسنة على العمل ولكن هي نسبة واسعة تشاهد ولا تشاهد في نفس الوقت و قد تسأل مشاهد ولا يجيبك حتى بعنوان العمل أو فكرته المحورية . إننا لا نسقط كلامنا على كل الإنتاج الفني و لكن من بينه ما يستحق التنويه موضوعا و شكلا خاصة منه ما ينبني على أسسه الحقيقية ، ولقد شاهدنا مجموعة من الأعمال التلفزيونية خلال مواسم متعددة تستحق فعلا أن تتصدر المشهد الفني الوطني .
تعتبر الكتابة اللبنة الأولى التي يجب الاعتماد عليها ، ولا يجب بأي حال من الأحوال استسهالهـــــــــــا و التقليل من أهميتها ، لأنها وحدها التي تشكل المحتوى الهادف الذي يبحث عنه الفاعل سواء منــــــه الممارس أوالمتلقي ، و على الكاتب أن يعي دوره الكبير و أن يدافع عن مكانته بكل جرأة و قوة تؤهله إلى استعادة صورته الفعالة داخل الحقل الفني ، أمام كل السلبيات الأخرى التي من شأنها الانتقــــــاص منه و تهميشه وهو ما يفتح الباب لولوجه من طرف فاعلين يحبون الكتابة و الإبداع بطريقة خاطئــــة تقلل من قيمة العمل الفنية و الأدبية . على هذا الفاعل الأخير أن يجتهد في القراءة و كسب المعرفـــــة الأدبية أولا ، لأنها السبيل إلى حب الكتابة بإبداع شخصي مبني على الخيال أو الاقتباس ، لا أن يبنـــي كتاباته انطلاقا من كتابات جاهزة أو مشاهد منتقاة ، و ألا ينتقل متجولا بين الأعمال القديمة مستنبطـــا الأفكار و إعادة بلورتها ، لأن المتلقي كيف ما كان مستواه يحس بالفكرة و يميز بين الجديد و المتجدد فيها .
و ما يمكن تسجيله مرة أخرى إلى جانب معاناة الكاتب ، هو ما خص الفنان المشخص الذي أضحــــى العديد منهم يشتكون من التهميش و عدم الانخراط في العمل المستمر و منهم من لم يشتغل لسنوات ، رغم كم الإنتاجات السنوية التي من واجبها توفير الفرص الكافية لكل فنان مشخص من أجل استغلال مساحته الفنية بكل حرية . ناهيك عمن تقدم به العمر و أصبح لا يجد ما يناسب وجهه بالنسبـــــــــــــة للجنسين ، للإعتماد على وجوه مقنعة لا تقنع في أدائها المتصنع ، و الوافدة غالبا من مجال الأنترنيت ، هذا المجال الذي سوف يعوض معاهد التكوين و المهن الفنية في تخرج الفنان الممارس بصفة عامة . لقد أثار انتباه الجميع أحد أهرامات التشخيص الذي تساءل حول عدم الانتباه إليه و إشراكه فـــــــــي الأعمال العديدة التي تنتج على صعيد التلفزيون و السينما بالرغم من كونه شخصية مؤهلة و لها مــن التجربة و التكوين ما يسمح لها باعتلاء المنصة ولكن لا يجد له مكانا مستمرا و منتظما حسب الإنتاج كل سنة ، لا لشيء فقط لاستعمار المجال من طرف الوافدين عليه من خارج الحقل . و هناك آخر هدد بالاعتزال ونحن نعرف و نشهد له بأنه يحمل حمولة فنية ثقافية ، ولازال نشيطا في عمر العطـــــــــاء و الإبداع سواء فوق الخشبة أو أمام الكاميرا ، فيما ذهب الكثير إلى التساؤل حول احتكار المجال مــن طرف البعض من الكل و منحهم صلاحيات إقحام الناس أجمعين مكان عنصرين أساسيين في بنــــــــاء المشهد الفني : عنصري التأليف و التشخيص .
لعل السؤال الذي يطرح نفسه : متى نرى بالخط العريض أول التقديم على صفحة الجنريك تأليف الأديب الفنان فلان بالمفرد لا بجمع الخلية و آخره بنفس الخط إخراج فلان كعنصرين أساسيين من عناصر محتوى الجنريك ؟ و متى نرى أسم المشخص من ساحة الحقل يملأ نفس هذا المحتوى ؟ ليبقى الجواب رهين تدخل المسؤول الإداري و الفني ليحقق الهدف الذي من شأنه الدفع بعجلة الفن إلى الأمام .

Check Also

🔴 مناصرة منها للحق ولكل مناضليها، النقابة الشعبية للمأجورين تعلن تضامنها اللا مشروط وحتى النصر مع الأخ المناضل محمد الكاملي وتمكينه من كل حقوقه.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *