/بقلم ع الكريم أمهاوش
ها هي فاس، المدينة التي حفرت إسمها في صخر التاريخ، تعود لتتنفّس كرةً ونشيداً وعلماً يرفرف. بعد صمتٍ طال وإشتياقٍ ظلّ يهمس في جنباتها، يعود ملعب فاس الكبير ليضجّ بالحياة، ويحتضن المنتخب الوطني المغربي كما يليق بمدينةٍ كانت دوماً منبتاً للفخر لا متفرجاً عليه من بعيد.
لسنوات، ظلّت فاس تراقب، لا بعينٍ واحدة، بل بقلوب أهلها كلهم، متى تمرّ قوافل المجد من هنا؟ متى تصير الهتافات في مدرجاتنا لا لشاشاتنا؟ أليست هذه المدينة، بتاريخها وأصالتها، جديرة بأن تُعاد لها الروح كما أُعيدت لغيرها؟ أما آنَ للمطر أن يُنزل خيره على أرض طال عطشها؟
فاس لا تطالب بل تُذكّر. لا تعاتب، بل تذكّر. فهي ليست رقماً على خارطة، بل ذاكرة وطن، وأحد أعمدته التي لا تُهمل. من أزقّتها خرج العلماء، ومن حاراتها نبضت الثورات، وعلى ترابها كُتبت صفحات من ذهب، فهل تُنسى وهي التي لم تنسَ الوطن يوماً؟
اليوم، وهي تفتح ذراعيها للمنتخب لا تفعل ذلك فقط فرحاً، بل لتقول، أهلاً بمن عاد، ومرحباً بمن تذكّر، ولكن لا تجعلوا الغياب عادة، فإن في كل بيتٍ من بيوت فاس علَماً ينتظر من يرفعه، وطفلاً يحلم أن يرى نجومه بأمّ عينه، لا عبر شاشات التلفاز.
فاس، دار الحكمة، ومهد الهوية، تلبس اليوم أبهى حللها، وتُهدي الوطن ترحاباً يليق بأبنائه. هتافها واحد:
“هنا المغرب… هنا فاس، حيث المجد لا يُستعار، بل يُورث.”